فصل: باب الشهادة على الشهادة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


باب الاختلاف في الشهادة

‏(‏قوله منها أن الشهادة إلخ‏)‏ هذه عبارة الدرر‏.‏ قال محشيها الشرنبلالي‏:‏ ليس من هذا الباب لأنه في الاختلاف في الشهادة لا في قبول الشهادة وعدمه ا هـ‏.‏ مدني‏.‏ ‏(‏قوله بأكثر من المدعى‏)‏ ومنه إذا ادعى ملكا مطلقا أو بالنتاج فشهدوا في الأول بالملك بسبب وفي الثاني بالملك المطلق قبلت لأن الملك بسبب أقل من المطلق لأنه يفيد الأولوية، بخلافه بسبب فإنه يفيد الحدوث والمطلق أقل من النتاج لأن المطلق يفيد الأولوية على الاحتمال والنتاج على اليقين وفي قلبه، وهو دعوى المطلق فشهدوا بالنتاج لا تقبل، ومن الأكثر ما لو ادعى الملك بسبب فشهدوا بالمطلق لا تقبل إلا إذا كان السبب الإرث باقاني، وتمامه هناك كذا في الهامش‏.‏ ‏(‏قوله باطلة‏)‏ أي إلا إذا وفق وبيانه في البحر‏.‏ ‏(‏قوله موافقة الشهادتين إلخ‏)‏ كما لو ادعى دارا في يد رجل أنها له منذ سنة فشهد الشهود أنها منذ عشرين سنة بطلت، فلو ادعى المدعي أنها منذ عشرين سنة والشهود شهدوا أنها منذ سنة جازت شهادتهم خانية‏.‏ وفي الأنقروي عن القاعدية في الشهادات‏:‏ الشهادة لو خالفت الدعوى بزيادة لا يحتاج إلى إثباتها أو نقصان كذلك فإن ذلك لا يمنع قبولها ا هـ‏.‏ حامدية‏.‏ وفي الخيرية عن الفصولين‏:‏ ولا يكلف الشاهد، إلى بيان لون الدابة لأنه سئل عما لا يكلف إلى بيانه فاستوى ذكره وتركه، ويخرج منه مسائل كثيرة ا هـ‏.‏ حامدية‏.‏ رجل ادعى في يد رجل متاعا أو دارا أنها له وأقام البينة وقضى القاضي له فلم يقبضه حتى أقام الذي في يده البينة أن المدعي أقر عند غير القاضي أنه لا حق له فيه قال‏:‏ إن شهدوا أنه أقر بذلك قبل القضاء بطل القضاء‏.‏ وإن شهدوا أنه أقر به بعد القضاء لا يبطل القضاء لأن الثابت بالبينة كالثابت عيانا، ولو عاين القاضي إقراره بذلك كان الحكم على هذا الوجه خاليا من تكذيب الشهود وكذا في الهامش‏.‏ ‏(‏قوله فإذا وافقتها قبلت‏)‏ صدر الباب بهذه المسألة مع أنها ليست من الاختلاف في الشهادة لكونها كالدليل لوجوب اتفاق الشاهدين، ألا ترى أنهما لو اختلفا لزم اختلاف الدعوى والشهادة كما لا يخفى على من له أدنى بصيرة سعدية، وبه ظهر وجه جعل ذلك من الأصول‏.‏ ثم إن التفريع على ما قبله مشعر بما قاله في البحر من أن اشتراط المطابقة بين الدعوى والشهادة إنما هو فيما كانت الدعوى شرطا فيه وتبعه في تنوير البصائر وهو ظاهر، لأن تقدم الدعوى إذا لم يكن شرطا كان وجودها كعدمها فلا يضر عدم التوافق‏.‏ ثم إن تفريعه على ما قبله لا ينافي كونه أصلا لشيء آخر وهو الاختلاف في الشهادة فافهم‏.‏ وبما تقرر اندفع ما في الشرنبلالية من أن قوله منها أن الشهادة على حقوق العباد إلخ ليس من هذا الباب لأنه في الاختلاف في الشهادة لا في قبولها وعدمه فتدبر‏.‏ ‏(‏قوله وهذا أحد الأصول إلخ‏)‏ نبه عليه دون ما قبله لدفع توهم عدم أصلية سبب كونه مفرعا على ما قبله فإنه لا تنافي كما قدمناه وإلا فما قبله أصل أيضا كما علمته فتنبه‏.‏ ‏(‏قوله أو إرث‏)‏ تبع فيه الكنز، والمشهور أنه كدعوى الملك المطلق كما في البحر عن الفتح وسيذكره الشارح، فلو أسقطه هنا لكان أولى ح‏.‏ ‏(‏قوله قبلت‏)‏ فيه قيد في البحر عن الخلاصة‏.‏ ‏(‏قوله بأن ادعى بسبب‏)‏ أي ادعى العين لا الدين بحر‏.‏ ‏(‏قوله بالأكثر‏)‏ وفيه لا تقبل إلا إذا وفق بحر‏.‏ ‏(‏قوله في غير دعوى إرث‏)‏ لأنه مساو للملك المطلق كما قدمناه‏.‏ ‏(‏قوله ونتاج‏)‏ لأن المطلق أقل منه لأنه يفيد الأولوية على الاحتمال والنتاج على اليقين، وذكر في الهامش أن الشهادة على النتاج بأن يشهدا أن هذا كان يتبع هذه الناقة، ولا يشترط أداء الشهادة على الولادة فتاوى الهندية في باب تحمل الشهادة عن التتارخانية عن الينابيع ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وشراء من مجهول‏)‏ لأن الظاهر أنه مساو للملك المطلق، وكذا في غير دعوى قرض بحر، ومثله شراء مع دعوى قبض، فإذا ادعاهما فشهدا على المطلق تقبل بحر عن الخلاصة‏.‏ وحكى في الفتح عن العمادية خلافا‏.‏ ‏(‏قوله ثلاثة وعشرين‏)‏ لكن ذكر في البحر بعدها أنه في الحقيقة لا استثناء فراجعه‏.‏

‏(‏قوله خشية التطويل‏)‏ قدمها الشارح في كتاب الوقف‏.‏ ‏(‏قوله بطريق الوضع‏)‏ أي بمعناه المطابق، وهذا جعله الزيلعي تفسيرا للموافقة في اللفظ حيث قال‏:‏ والمراد بالاتفاق في اللفظ تطابق اللفظين على إفادة المعنى بطريق الوضع لا بطريق التضمن، حتى لو ادعى رجل مائة درهم فشهد شاهد بدرهم، وآخر بدرهمين، وآخر بثلاثة، وآخر بأربعة وآخر بخمسة لم تقبل عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لعدم الموافقة لفظا، وعندهما يقضي بأربعة ا هـ‏.‏ والذي يظهر من هذا أن الإمام اعتبر توافق اللفظين على معنى واحد بطريق الوضع وأن الإمامين اكتفيا بالموافقة المعنوية ولو بالتضمن ولم يشترطا المعنى الموضوع له كل من اللفظين، وليس المراد أن الإمام اشترط التوافق في اللفظ والتوافق في المعنى الوضعي، وإلا أشكل ما فرعه عليه من شهادة أحدهما بالنكاح والآخر بالتزويج، وكذا الهبة والعطية فإن اللفظين فيهما مختلفان ولكنهما توافقا في معنى واحد، أفاده كل منهما بطريق الوضع، ويدل على هذا التوفيق أيضا ما نقله الزيلعي عن النهاية حيث قال‏:‏ إن كانت المخالفة بينهما في اللفظ دون المعنى تقبل شهادته وذلك نحو أن يشهد أحدهما على الهبة والآخر على العطية، وهذا لأن اللفظ ليس بمقصود في الشهادة بل المقصود ما تضمنه اللفظ وهو ما صار اللفظ علما عليه، فإذا وجدت الموافقة في ذلك لا تضر المخالفة فيما سواها‏.‏ قال‏:‏ هكذا ذكره ولم يحك فيه خلافا ا هـ‏.‏ وهذا بخلاف الفرع السابق الذي نقلناه عنه، فإن الخمسة معناها المطابق لا يدل على الأربعة بل تتضمنها ولذا لم يقبلها الإمام وقبلها صاحباه لاكتفائهما بالتضمن‏.‏ والحاصل أنه لا يشترط عند الإمام الاتفاق على لفظ بعينه بل إما بعينه أو بمرادفه، وقول صاحب النهاية لأن اللفظ ليس بمقصود مراده به أن التوافق على لفظ بعينه ليس بمقصود لا مطلقا كما ظن فافهم‏.‏ ‏(‏قوله بالموافقة المعنوية‏)‏ فإن قيل‏:‏ يشكل على قول الكل ما لو شهد أحدهما أنه قال لها أنت خلية والآخر أنت برية لا يقضي ببينونة أصلا مع إفادتهما معناها، أجيب بمنع الترادف بل هما متباينان لمعنيين يلزمهما لازم واحد وهو وقوع البينونة، وتمامه في الفتح‏.‏ ‏(‏قوله لاتحاد معناهما‏)‏ أي مطابقة فصار كأن اللفظ متحد أيضا فافهم‏.‏ ‏(‏قوله ولو شهدا بالإقرار‏)‏ مقتضاه أنه لا يضر الاختلاف بين الدعوى والشهادة في قول مع فعل، بخلاف اختلاف الشاهدين في ذلك‏.‏

‏(‏قوله للجمع بين قول وفعل‏)‏ بخلاف ما إذا شهد أحدهما بألف للمدعي على المدعى عليه وشهد الآخر على إقرار المدعى عليه بألف فإنه ليس بجمع بين قول وفعل منلا علي التركماني عن الحاوي الزاهدي‏.‏ ‏(‏قوله إلا إذا اتحدا‏)‏ الظاهر أن الاستثناء منقطع لأنه لا فعل مع قول في هذه الصور بل قولان، لأن الإنشاء والإقرار به كل منهما قول كما سيذكره‏.‏ ‏(‏قوله بألف ومائة‏)‏ بخلاف العشر وخمسة عشر حيث لا يقبل لأنه مركب كالألفين إذ ليس بينهما حرف العطف ذكره الشارح بحر‏.‏ ‏(‏قوله إلا أن يوفق‏)‏ كأن يقول كان لي عليه كما شهدا إلا أنه أوفاني كذا بغير علمه‏.‏ وفي البحر‏:‏ ولا يحتاج هنا إلى إثبات التوفيق بالبينة لأنه يتم به بخلاف ما لو ادعى الملك بالشراء فشهد بالهبة فإنه يحتاج لإثباته بالبينة سائحاني‏.‏ ‏(‏قوله وهذا في الدين‏)‏ أي اشتراط الموافقة بين الشهادتين لفظا‏.‏

‏(‏قوله سواء كان المدعى إلخ‏)‏ وسواء كان المدعي البائع أو المشتري درر‏.‏ ‏(‏قوله أو كتابته على ألف‏)‏ شامل لما إذا ادعاها العبد وأنكر المولى وهو ظاهر، لأن مقصوده هو العقد‏.‏ ولما إذا كان المدعي هو المولى كما زاده صاحب الهداية على الجامع قال في الفتح لأن دعوى السيد المال على عبده لا تصح إذ لا دين له على عبده إلا بواسطة دعوى الكتابة فينصرف إنكار العبد إليه للعلم بأنه لا يتصور له عليه دين إلا به فالشهادة ليست إلا لإثباتها ا هـ‏.‏ وفي البحر والتبيين وقيل لا تفيد بينة المولى لأن العقد غير لازم في حق العبد لتمكينه من الفسخ بالتعجيز ا هـ‏.‏ وجزم بهذا القيل العيني، وهو موافق لما يفهم من عبارة الجامع‏.‏ ‏(‏قوله وهو يختلف باختلاف البدل‏)‏ أشار إلى أنهما لو شهدا بالشراء ولم يبينا الثمن لم تقبل، وتمامه في البحر‏.‏ وقال الخير الرملي في حاشيته عليه المفهوم من كلامهم في هذا الموضع وغيره أنه فيما يحتاج فيه إلى القضاء بالثمن لا بد من ذكره وذكر قدره وصفته، وما لا يحتاج فيه إلى القضاء به لا حاجة إلى ذكره‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

في المبسوط؛ وإذا ادعى رجل شراء دار في يد رجل، وشهد شاهدان ولم يسميا الثمن والبائع ينكر ذلك فشهادتهما باطلة، لأن الدعوى إن كانت بصفة الشهادة فهي فاسدة، وإن كانت مع تسمية الثمن فالشهود لم يشهدوا بما ادعاه المدعي‏.‏ ثم القاضي يحتاج إلى القضاء بالعقد، ويتعذر عليه القضاء بالعقد إذا لم يكن الثمن مسمى لأنه كما لا يصح البيع ابتداء بدون تسمية الثمن فكذلك لا يظهر القضاء بدون تسمية الثمن، ولا يمكنه أن يقضي بالثمن حين لم يشهد به الشهود، ثم قال‏:‏ فإن شهدا على إقرار البائع بالبيع ولم يسميا ثمنا ولم يشهدا بقبض الثمن فالشهادة باطلة لأن حاجة القاضي إلى القضاء بالعقد ولا يتمكن من ذلك إذا لم يكن الثمن مسمى، وإن قالا أقر عندنا أنه باعها منه واستوفى الثمن ولم يسميا الثمن فهو جائز لأن الحاجة إلى القضاء بالملك للمدعي دون القضاء بالعقد فقد انتهى حكم العقد باستيفاء الثمن‏.‏ ‏(‏قوله على كل واحد‏)‏ لفظ كل مما لا حاجة إليه سعدية‏.‏ ‏(‏قوله والرهن‏)‏ قال في البحر‏:‏ وظاهر الهداية أن الرهن إنما هو من قبيل دعوى الدين‏.‏ وتعقبه في العناية تبعا للنهاية بأن عقد الرهن بألف غيره بألف وخمسمائة، فيجب أن لا تقبل البينة وإن كان المدعي هو المرتهن لأنه كذب أحد شاهديه‏.‏ وأجيب بأن العقد غير لازم في حق المرتهن حيث كان له ولاية الرد متى شاء فكان في حكم العدم فكان الاعتبار لدعوى الدين لأن الرهن لا يكون إلا بدين فتقبل البينة كما في سائر الديون ويثبت الرهن بالألف ضمنا وتبعا ا هـ‏.‏ وفي الحواشي اليعقوبية ذكر الراهن‏.‏ ‏(‏قوله إن ادعى العبد‏)‏ تقييد لمسألة العتق بمال فقط إن أجرى قول المصنف أو كتابته على عمومه موافقة لما قاله صاحب الهداية أولهما إن خص بما إذا ادعى الكتابة العبد موافقة لما في الجامع ولما في العيني‏.‏ ‏(‏قوله فكدعوى الدين‏)‏ أي الدين المنفرد عن العقد سعدية‏.‏ ‏(‏قوله إذ مقصودهم المال‏)‏ لأنه ثبت العتق والعقد والطلاق باعتراف صاحب الحق فلم تبق الدعوى إلا في الدين فتح‏.‏ زاد في الإيضاح‏:‏ وفي الرهن إن كان المدعي هو الراهن لا تقبل لأنه لا حظ له في الرهن فعريت الشهادة عن الدعوى، وإن كان المرتهن فهو بمنزلة دعوى الدين ا هـ‏.‏ وفي اليعقوبية‏:‏ وذكر الراهن في اليمين ليس على ما ينبغي‏.‏ ‏(‏قوله على الأقل‏)‏ أي اتفاقا إن شهد شاهد الأكثر بعطف مثل ألف وخمسمائة، وإن كان بدونه كالألف والألفين فكذلك عندهما، وعنده لا يقضي بشيء فتح‏.‏

‏(‏قوله العقد‏)‏ وهو يختلف باختلاف البدل فلا تثبت الإجارة فتح ‏(‏قوله وكالدين‏)‏ إذ ليس المقصود بعد المدة إلا الأجر فتح‏.‏ ‏(‏قوله بعدها‏)‏ استوفى المنفعة أو لا بعد أن تسلم فتح‏.‏ ‏(‏قوله عقد اتفاقا‏)‏ لأنه معترف بمال الإجارة فيقضي عليه بما اعترف به فلا يعتبر اتفاق الشاهدين أو اختلافهما فيه، ولا يثبت العقد للاختلاف فتح‏.‏ ‏(‏قوله مطلقا‏)‏ سواء ادعى الزوج أو الزوجة الأقل أو الأكثر هكذا صححه في الهداية، وذكر في الفتح أنه مخالف للرواية، وتمامه في الشرنبلالية‏.‏ ‏(‏قوله خلافا لهما‏)‏ حيث قالا هي باطلة أيضا لأنه اختلاف في العقد وهو القياس‏.‏ ولأبي حنيفة أن المال في النكاح تابع والأصل فيه الحل والملك والازدواج، ولا اختلاف فيما هو الأصل فيثبت، فإذا وقع الاختلاف في التبع يقضي بالأقل لاتفاقهما عليه‏.‏ ‏(‏قوله في صحة الشهادة‏)‏ قال في البحر بعد كلام‏:‏ وبه ظهر أن الجر شرط صحة الدعوى لا كما يتوهم من كلام المصنف من أنه شرط القضاء بالبينة فقط ا هـ‏.‏ أي يشترط أن يقول في الدعوى مات وتركه ميراثا كما يشترط في الشهادة، وإنما لم يذكره لأن الكلام في الشهادة‏.‏ ‏(‏قوله الجر‏)‏ أي النقل‏:‏ أي أن يشهدا بالانتقال، وذلك إما نصا كما صوره الشارح أو بما يقوم مقامه من إثبات الملك للميت عند الموت أو إثبات يده أو يد نائبه عند الموت أيضا، وهو ما أشار إليه بقوله إلا أن يشهدا إلخ‏.‏ وهذا عندهما خلافا لأبي يوسف فإنه لا يشترط شيئا، ويظهر الخلاف فيما إذا شهدا أنه كان ملك الميت بلا زيادة وطولبا بالفرق بين هذا وبين ما يأتي من أنه لو شهدا لحي أنه كان في ملكه تقبل‏.‏ والفرق ما في الفتح إلى آخر ما يأتي‏.‏ قال مجرد هذه الحواشي‏:‏ وكتب المؤلف على قوله الجر هامشة وعليها أثر الضرب، لكني لم أتحققه فأحببت ذكرها وإن كانت مفهومة مما قبلها فقال‏:‏ قوله الجر هذا عندهما لأن ملك الوارث متجدد إلا أنه يكتفي بالشهادة على قيام ملك المورث وقت الموت لثبوت الانتقال ضرورة وكذا يده أو يد من يقوم مقامه، وأبو يوسف يقول‏:‏ إن ملك الوارث ملك المورث فصارت الشهادة بالملك للمورث شهادة للوارث، فالجر أن يقول الشاهد مات وتركها ميراثا أو ما يقوم مقامه من إثبات ملكه وقت الموت أو يده أو يد من يقوم مقامه، فإذا أثبت الوارث أن العين كانت لمورثه لا يقضي له وهو محل الاختلاف، بخلاف الحي إذا أثبت أن العين كانت له فإنه يقضي له بها اعتبارا للاستصحاب إذ الأصل البقاء انتهى‏.‏ ‏(‏قوله إرث‏)‏ بأن ادعى الوارث عينا في يد إنسان أنها ميراث أبيه وأقام شاهدين فشهدا أن هذه كانت لأبيه لا يقضي له حتى يجرا الميراث بأن يقولا إلخ‏.‏ ‏(‏قوله بملكه‏)‏ أي المورث‏.‏ ‏(‏قوله عند موته‏)‏ لا بد من هذا القيد كما علمت، وكان ينبغي ذكره بعد الثلاثة‏.‏ ‏(‏قوله لأن الأيدي‏)‏ تعليل للاستغناء بالشهادة على يد الميت عن الجر، وبيان ذلك أنه إذا ثبت يده عند الموت، فإن كانت يد ملك فظاهر لأنه أثبت ملكه أو أن الانتقال إلى الوارث فيثبت الانتقال ضرورة كما لو شهدا بالملك، وإن كانت يد أمانة فكذلك الحكم لأن الأيدي في الأمانات عند الموت تنقلب يد ملك بواسطة الضمان إذا مات مجهلا لتركه الحفظ والمضمون يملكه الضامن على ما عرف فيكون إثبات اليد في ذلك الوقت إثباتا للملك، وترك تعليل الاستغناء بالشهادة على يد من يقوم مقامه لظهوره لأن إثبات يد من يقوم مقامه إثبات يده فيغني إثبات الملك وقت الموت عن ذكر الجر فاكتفى به عنه ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله ولا بد مع الجر من بيان سبب الوراثة إلخ‏)‏ قال في الفتح‏:‏ وينسبا الميت والوارث حتى يلتقيا إلى أب واحد ويذكرا أنه وارثه، وهل يشترط قوله ووارثه في الأب والأم والولد‏؟‏ قيل يشترط والفتوى على عدمه، وكذا كل من لا يحجب بحال، وفي الشهادة بأنه ابن ابن الميت أو بنت ابنه لا بد منه وفي أنه مولاه لا بد من بيان أنه أعتقه ا هـ‏.‏ ولم يذكر هذا الشرط متنا ولا شرحا، والظاهر أن الجر مع الشرط الثالث يغني عنه فليتأمل، وانظر ما مر قبيل الشهادات‏.‏ ‏(‏قوله سبب الوراثة‏)‏ وهو أنه أخوه مثلا‏.‏ ‏(‏قوله لأبيه وأمه‏)‏ ذكر في البحر عن البزازية أنهم لو شهدوا أنه ابنه ولم يقولوا ووارثه الأصح أنه يكفي، كما لو شهدوا أنه أبوه أو أمه، فإن ادعى أنه عم الميت يشترط لصحة الدعوى أن يفسر فيقول عمه لأبيه وأمه أو لأبيه أو لأمه، ويشترط أيضا أن يقول ووارثه، وإذا أقام البينة لا بد للشهود من نسبة الميت والوارث حتى يلتقيا إلى أب واحد وكذلك هذا في الأخ والجد ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ ‏(‏قوله وارثا غيره‏)‏ قال في فتح القدير‏:‏ وإذا شهدوا أنه كان لمورثه تركه ميراثا له ولم يقولوا لا نعلم له وارثا سواه، فإن كان ممن يرث في حال دون حال لا يقضي لاحتمال عدم استحقاقه، أو يرث على كل حال يحتاط القاضي وينتظر مدة هل له وارث آخر أو لا‏.‏ قال مجردها‏:‏ هذا بياض تركه المؤلف ونقط عليه لتوقفه في فهمه من نسخة الفتح الحاضرة عنده فلتراجع نسخة أخرى يقضي بكله، وإن كان نصيبه يختلف في الأحوال يقضي بالأقل، فيقضي في الزوج بالربع والزوجة بالثمن إلا أن يقولوا لا نعلم له وارثا غيره‏.‏ وقال محمد وهو رواية عن أبي حنيفة يقضي بالأكثر، والظاهر الأول، ويأخذ القاضي كفيلا عندهما، ولو قالوا لا نعلم له وارثا بهذا الموضع كفى عند أبي حنيفة خلافا لهما ا هـ‏.‏ وتقدمت المسألة قبيل كتاب الشهادات، وذكرها في السادس والخمسين من شرح أدب القضاء منوعة ثلاثة أنواع فارجع إليه، ولخصها هناك صاحب البحر بما فيه خفاء، وقد علم بما مر أن الوارث إن كان ممن قد يحجب حجب حرمان فذكر هذا الشرط لأصل القضاء، وإن كان ممن قد يحجب حجب نقصان فذكره شرط للقضاء بالأكثر، وإن كان وارثا دائما ولا ينقص بغيره فذكره شرط للقضاء حالا بدون تلوم فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله لعدم معاينة السبب‏)‏ ولأن الشهادة على الملك لا تجوز بالتسامع فتح‏.‏ ‏(‏قوله البزازي‏)‏ وكذا في الفتح‏.‏ ‏(‏قوله وذكر اسم الميت‏)‏ حتى لو شهدا أنه جده أبو أبيه ووارثه ولم يسم الميت تقبل بزازية‏.‏ ‏(‏قوله ردت‏)‏ وعن أبي يوسف تقبل‏.‏ ‏(‏قوله يد الحي‏)‏ لاحتمال أنها كانت ملكا له أو وديعة مثلا، وإذا كانت وديعة مثلا تكون باقية على حالها، أما الميت فتنقلب ملكا له إذا مات مجهلا لها كما تقدم‏.‏ ‏(‏قوله أنها كانت ملكه‏)‏ أي لو شهدا لمدعي ملك عين في يد رجل أنها كانت ملك المدعي يقضي بها وإن لم يشهدا أنها ملكه إلى الآن‏.‏ والفرق بين هذه وبين ما مر من أنها كانت ملك الميت فإنها ترد ما لم يشهدا بأنها ملكه عند الموت ما ذكره في الفتح من أنهما إذا لم ينصا على ثبوت ملكه حالة الموت فإنما يثبت بالاستصحاب والثابت به حجة لإبقاء الثابت لا لإثبات ما لم يكن وهو المحتاج إليه في الوارث، بخلاف مدعي العين فإن الثابت بالاستصحاب بقاء ملكه لا تجدده‏.‏ ‏(‏قوله بذلك‏)‏ أي بيد الحي أو ملكه ومن اقتصر على الثاني فقد قصر‏.‏ ‏(‏قوله دفع للمدعي‏)‏ الأولى أن يقول فإنه يدفع للمدعي كما يظهر بالتأمل‏.‏ وفي البحر‏:‏ وإنما قال دفع إليه دون أن يقول إنه إقرار بالملك لأنه لو برهن على أنه ملكه فإنه يقبل ا هـ‏.‏ أي في مسألة الإقرار باليد أو الشهادة عليه لأنهما المذكورتان في الكنز دون مسألة الشهادة بالملك‏.‏ ‏(‏قوله لتنوع اليد‏)‏ لاحتمال أنه كان له فاشتراه منه‏.‏

‏(‏قوله بألف‏)‏ أي ولا يسمع قوله قضاء‏.‏ ‏(‏قوله إلا إذا شهد معه آخر‏)‏ لكمال النصاب‏.‏ ‏(‏قوله ولا يشهد‏)‏ أي بالألف كلها‏.‏ ‏(‏قوله من علمه‏)‏ أي قضاء خمسمائة كذا في الهامش‏.‏ ‏(‏قوله حتى يقر المدعي به‏)‏ لئلا يكون إعانة على الظلم، والمراد من ينبغي في عبارة الكنز معنى يجب فلا تحل له الشهادة بحر‏.‏ ‏(‏قوله إذا لم يذكر المدعي لونها‏)‏ قال في الفتح‏:‏ ولو عين لونها فقال أحدهما سوداء لم يقطع إجماعا ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله مطلقا أو جملة‏)‏ أما الأول فلأن الإطلاق أزيد من المقيد، وأما الثاني فلاختلاف الشهادة والدعوى للمباينة بين المتفرق والجملة‏.‏ ‏(‏قوله بحر‏)‏ أوضحه عند قول الكنز وبعكسه لا فراجعه‏.‏ ‏(‏قوله قلت‏)‏ القول لصاحب المنح‏.‏ ‏(‏قوله بيان سببه‏)‏ قواه المقدسي‏.‏ قلت‏:‏ وكذا في نور العين وقال‏:‏ إن الأول ضعيف وإن الاحتياط في أمر الميت يكفي فيه تحليف خصمه مع وجود بينة وإن في هذا الاحتياط ترك احتياط آخر في وفاء دينه الذي يحجبه عن الجنة وتضييع حقوق أناس كثيرين لا يجدون من يشهد لهم على هذا الوجه ح‏.‏ ‏(‏قوله ملكا في الماضي‏)‏ بأن قال كان ملكي وشهدا أنه له‏.‏ ‏(‏قوله كما لو شهدا بالماضي أيضا‏)‏ أي لا تقبل لأن إسناد المدعي يدل على نفي الملك في الحال إذ لا فائدة للمدعي في إسناد مع قيام ملكه في الحال، بخلاف الشاهدين لو أسندا ملكه إلى الماضي لأن إسنادهما لا يدل على النفي في المال لأنهما لا يعرفان بقاءه إلا بالاستصحاب منح، وبهذا ظهر الفرق بين ما هنا وبين ما تقدم متنا من قوله بخلاف ما لو شهدا أنها كانت ملكه‏.‏ ‏[‏فرع مهم‏]‏ قال المدعي إن الدار التي حدودها مكتوبة في هذا المحضر ملكي وقال الشهود إن الدار التي حدودها مكتوبة في هذا المحضر ملكه صح الدعوى والشهادة، وكذا لو شهدوا أن المال الذي كتب في هذا الصك عليه تقبل، والمعنى فيه أنه أشار إلى المعلوم‏.‏ لو شهدا بملك المتنازع فيه والخصمان تصادقا على أن المشهود به هو المتنازع فيه ينبغي أن تقبل الشهادة في أصل الدار وإن لم تذكر الحدود لعدم الجهالة المفضية إلى النزاع في أصل الدار جامع الفصولين في آخر الفصل السابع‏.‏

باب الشهادة على الشهادة

‏(‏قوله وإن كثرت‏)‏ أعني الشهادة على شهادة الفروع ثم وثم، لكن فيها شبهة البدلية لأن البدل ما يصار إليه إلا عند العجز عن الأصل، وهذه كذلك ولذا لا تقبل فيما يسقط بالشبهات كشهادة النساء مع الرجال درر، كذا في الهامش‏.‏ ‏(‏قوله إلا في حد وقود‏)‏ أي ما يوجب الحد، فلا يرد أنه إذا شهد على شهادة شاهدين أن قاضي بلد كذا ضرب فلانا حدا في قذف فإنها تقبل حتى ترد شهادته بحر عن المبسوط‏.‏ وفيه إشعار بأنها تقبل في التعزير، وهذه رواية عن أبي يوسف، وعن أبي حنيفة أنها لا تقبل كما في الاختيار قهستاني‏.‏ ‏(‏قوله مطلقا‏)‏ بعذر أو غيره ‏(‏قوله إلا بشرط تعذر حضور الأصل‏)‏ أشار إلى أن المراد بالمرض ما لا يستطيع معه الحضور إلى مجلس القاضي كما قيده في الهداية، وأن المراد بالسفر الغيبة مدته كما هو ظاهر كلام المشايخ وأفصح به في الخانية والهداية، لا مجاوزة البيوت وإن أطلقه كالمرض في الكنز ولم يصرح بالتعذر، ولكن ما ذكرنا هو المراد لأن العلة العجز فافهم‏.‏ ‏(‏قوله وما نقله القهستاني‏)‏ عبارته لكن في قضاء النهاية وغيره‏:‏ الأصل إذا مات لا تقبل شهادة فرعه فتشترط حياة الأصل ا هـ‏.‏ كذا في الهامش‏.‏ ‏(‏قوله فيه كلام‏)‏ ويؤيد كلام القهستاني قوله الآتي وبخروج أصله عن أهلها‏.‏ ‏(‏قوله فإنه نقله عن الخانية عنها‏)‏ ليس في القهستاني ذلك، وانظر ما ذكره في كتاب القاضي إلى القاضي‏.‏ ‏(‏قوله والصواب ما هنا‏)‏ قال في الدر المنتقى‏:‏ لكن نقل البرجندي والقهستاني كلامهما عن الخلاصة وكذا في البحر والمنح والسراج وغيرها أنه متى خرج الأصل عن أهلية الشهادة بأن خرس أو فسق أو عمي أو جن أو ارتد بطلت الشهادة ا هـ‏.‏ فتنبه ح كذا في الهامش‏.‏ ‏(‏قوله وفي القهستاني‏)‏ عبارته وتقبل عند أكثر المشايخ وعليه الفتوى كما في المضمرات، وذكر القهستاني أيضا أن الأول ظاهر الرواية وعليه الفتوى‏.‏ وفي البحر قالوا‏:‏ الأول أحسن، وهو ظاهر الرواية كما في الحاوي، والثاني أرفق إلخ‏.‏ وعن محمد يجوز كيفما كان، حتى روي عنه أنه إذا كان الأصل في زاوية المسجد والفرع في زاوية أخرى من ذلك المسجد تقبل شهادتهم منح وبحر‏.‏ ‏(‏قوله أو كون المرأة مخدرة‏)‏ قال البزدوي‏:‏ هي من لا تكون برزت بكرا كانت أو ثيبا ولا يراها غير المحارم من الرجال، أما التي جلست على المنصة فرآها رجال أجانب كما هو عادة بعض البلاد لا تكون مخدرة حموي‏.‏ ‏(‏قوله في الوكالة‏)‏ وذكره هنا أيضا‏.‏ ‏(‏قوله عند القاضي‏)‏ قاله في المنح‏.‏ ‏(‏قوله لإطلاق جواز الإشهاد‏)‏ يعني يجوز أن يشهد وهو صحيح أو سقيم ونحوه، ولكن لا تجوز الشهادة عند القاضي إلا وما ذكر موجود‏.‏ قال في البحر نقلا عن خزانة المفتين‏.‏ والإشهاد على شهادة نفسه يجوز وإن لم يكن بالأصول عذر، حتى لو حل بهم العذر يشهد الفروع ا هـ‏.‏ ومثله في المنح عن السراجية‏.‏ ‏(‏قوله كما مر‏)‏ أي في قوله وجاز الإشهاد مطلقا‏.‏ ‏(‏قوله وما في الحاوي غلط‏)‏ من أنه لا تقبل شهادة النساء على الشهادة‏.‏ وفي الهامش‏:‏ ولو شهدا على شهادة رجل وأحدهما يشهد بنفسه أيضا لم يجز، كذا في محيط السرخسي فتاوى الهندية‏.‏ ‏(‏قوله عن كل أصل‏)‏ فلو شهد عشرة على شهادة واحد تقبل ولكن لا يقضي حتى يشهد شاهد آخر لأن الثابت بشهادتهم شهادة واحد بحر عن الخزانة، وأفاد أنه لو شهد واحد على شهادة نفسه وآخران على شهادة غيره يصح، وصرح به في البزازية‏.‏ ‏(‏قوله وذاك‏)‏ يعني بأن يكون لكل شاهد شاهدان متغايران بل يكفي شاهدان على كل أصل‏.‏

‏(‏قوله ولو ابنه‏)‏ كما يأتي متنا‏.‏ ‏(‏قوله إني أشهد بكذا‏)‏ قيد بقوله أشهد لأنه بدونه لا يسعه أن يشهد على شهادته وإن سمعها منه لأنه كالنائب عنه فلا بد من التحميل والتوكيل، وبقوله على شهادتي لأنه لو قال اشهد علي بذلك لم يجز لاحتمال أن يكون الإشهاد على نفس الحق المشهود به فيكون أمرا بالكذب، وبعلى، لأنه لو قال بشهادتي لم يجز لاحتمال أن يكون أمرا بأن يشهد مثل شهادته بالكذب وبالشهادة على الشهادة لأن الشهادة بقضاء القاضي صحيحة وإن لم يشهدهما القاضي عليه‏.‏ ‏(‏قوله سكوت الفرع‏)‏ أي عند تحميله‏.‏ قال في البحر‏:‏ لو قال لا أقبل قال في القنية‏:‏ ينبغي أن لا يصير شاهدا حتى لو شهد بعد ذلك لا تقبل ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله حاوي‏)‏ نقله في البحر، ثم قال بعد ورقة، وفي خزانة المفتين، الفرع إذا لم يعرف الأصل بعدالة ولا غيرها فهو مسيء في الشهادة على شهادته بتركه الاحتياط ا هـ‏.‏ وقالوا الإساءة أفحش من الكراهة ا هـ‏.‏ لكن ذكر الشارح في شرحه على المنار أنها دونها، ورأيت مثله في التقرير شرح البزدوي والتحقيق وغيرهما تأمل‏.‏ ‏(‏قوله أن فلانا إلخ‏)‏ ويذكر اسمه واسم أبيه وجده فإنه لا بد منه كما في البحر‏.‏ ‏(‏قوله هذا أوسط العبارات‏)‏ والأطول أن يقول أشهد أن فلانا شهد عندي أن لفلان على فلان كذا وأشهدني على شهادته وأمرني أن أشهد على شهادته وأنا الآن أشهد على شهادته بذلك ففيه ثمان شينات‏.‏ ‏(‏قوله وعليه فتوى السرخسي‏)‏ قال في الفتح‏:‏ وهو اختيار الفقيه أبي الليث وأستاذه أبي جعفر، وهكذا ذكره محمد في السير الكبير، وبه قالت الأئمة الثلاثة‏:‏ وحكى أن فقهاء زمن أبي جعفر خالفوه واشترطوا زيادة طويلة فأخرج أبو جعفر الرواية من السير الكبير فانقادوا له‏.‏ قال في الذخيرة‏:‏ فلو اعتمد أحد على هذا كان أسهل، وكلام المصنف أي صاحب الهداية يقتضي ترجيح كلام القدوري المشتمل على خمس شينات حيث حكاه، وذكر أن ثم أطول منه وأقصر‏.‏ ثم قال‏:‏ وخير الأمور أوساطها‏.‏ وذكر أبو نصر البغدادي شارح القدوري أقصر آخر بثلاث شينات وهو أشهد أن فلانا أشهدني على شهادته أن فلانا أقر عنده بكذا، ثم قال‏:‏ وما ذكره القدوري أولى وأحوط‏.‏ ثم حكى خلافا في أن قوله وقال لي اشهد على شهادتي شرط عند أبي حنيفة ومحمد، فلا يجوز تركه لأنه إذا لم يقله احتمل أنه أمره أن يشهد مثل شهادته وهو كذب وأنه أمره على وجه التحمل فلا يثبت بالشك، وعند أبي يوسف يجوز لأن أمر الشاهد محمول على الصحة ما أمكن ا هـ‏.‏ والوجه في شهود الزمان القول بقولهما وإن كان فيهم العارف المتدين، لأن الحكم للغالب خصوصا المتخذ بها مكسبة للدراهم ا هـ‏.‏ ما في الفتح باختصار‏.‏ وحاصله أنه اختار ما اختاره في الهداية وشرح القدوري من لزوم خمس شينات في الأداء، وهو ما جرى عليه في المتون كالقدوري والكنز والغرر والملتقى والإصلاح ومواهب الرحمن وغيرها‏.‏ ‏(‏قوله الفرع لأصله‏)‏ لأنه من أهل التزكية هداية‏.‏ ‏(‏قوله وإلا لزم تعديل الكل‏)‏ هذا عند أبي يوسف‏.‏ وقال محمد لا تقبل لأنه لا شهادة إلا بالعدالة، فإذا لم يعرفوها لم ينقلوا الشهادة فلا تقبل‏.‏ ولأبي يوسف أن المأخوذ عليهم النقل دون التعديل لأنه قد يخفى عليهم فيتعرف القاضي العدالة، كما إذا شهدوا بأنفسهم كذا في الهداية وفي البحر‏:‏ وقوله وإلا صادق بصور الأولى أن يسكتوا وهو المراد هنا كما أفصح به في الهداية‏.‏ الثانية أن يقولوا لا نخبرك فجعله في الخانية على الخلاف بين الشيخين، وذكر الخصاف أن عدم القبول ظاهر الرواية، وذكر الحلواني أنها تقبل وهو الصحيح لأن الأصل بقي مستورا، إذ يحتمل الجرح والتوقف فلا يثبت الجرح بالشك‏.‏ ووجه المشهور أنه جرح للأصول، واستشهد الخصاف بأنهما لو قالا‏:‏ إنا نتهمه في الشهادة لم يقبل القاضي شهادته، وما استشهد به هو الصورة الثالثة وقد ذكرها في الخانية ا هـ‏.‏ ملخصا، وحيث كان المراد الأولى فقول الشارح وإلا لزم إلخ، تكرار مع ما في المتن‏.‏ ‏(‏قوله لأن العدل لا يتهم بمثله‏)‏ كذا علل في البحر، وفيه عود الضمير على غير مذكور وأصل العبارة في الهداية حيث قال‏:‏ وكذا إذا شهد شاهدان فعدل أحدهما الآخر يجوز لما قلنا، غاية الأمر أن فيه منفعة من حيث القضاء بشهادته ولكن العدل لا يتهم بمثله كما لا يتهم في شهادة نفسه ا هـ‏.‏ قال في النهاية‏:‏ أي بمثل ما ذكرت من الشبهة‏.‏ وحاصل ما في الفتح أن بعضهم قال لا يجوز لأنه متهم حيث كان بتعديله رفيقه يثبت القضاء بشهادته‏.‏ والجواب أن شهادة نفسه تتضمن مثل هذه المنفعة وهي القضاء بها، فكما أنه لم يعتبر الشرع مع عدالته ذلك مانعا كذا ما نحن فيه‏.‏ ‏(‏قوله في حاله‏)‏ فيسأله عن عدالته فإذا ظهرت قبله وإلا لا منح‏.‏ ‏(‏قوله على ما في القهستاني‏)‏ عبارته‏.‏ وفيه إيماء إلى أنه لو قال الفرع‏:‏ إن الأصل ليس بعدل أو لا أعرفه لم تقبل شهادته كما قال الخصاف‏.‏ وعن أبي يوسف أنه تقبل، وهو الصحيح على ما قال الحلواني كما في المحيط ا هـ‏.‏ فتأمل‏.‏ النقل مدني‏.‏ ‏(‏قوله عن المحيط‏)‏ ذكر في التتارخانية خلافه ولم يذكر فيه خلافا، وكيف هذا مع أنهما لو قالا نتهمه لا تقبل شهادتهما، وظاهر استشهاد الخصاف به كما مر أنه لا خلاف فيه‏.‏ وفي البزازية شهدا عن أصل، وقالا‏:‏ لا خير فيه وزكاه غيرهما لا يقبل، وإن جرحه أحدهما لا يلتفت إليه ا هـ‏.‏

‏(‏قوله بأمور‏)‏ عد منها في البحر حضور الأصل قبل القضاء مستدلا بما في الخانية، ولو أن فروعا شهدوا على شهادة الأصول ثم حضر الأصول قبل القضاء لا يقضى بشهادة الفروع ا هـ‏.‏ لكن قال في البحر، وظاهر قوله لا يقضى دون أن يقول بطل الإشهاد أن الأصول لو غابوا بعد ذلك قضي بشهادتهم ا هـ‏.‏ فلهذا تركه الشارح‏.‏ ‏(‏قوله ما يخالفه‏)‏ وهو خلاف الأظهر ‏(‏قوله وبإنكار أصله الشهادة‏)‏ هكذا وقع التعبير في كثير من المعتبرات‏.‏ وفي الشرنبلالية عن الفاضل جوي زادة ما يفيد أن الأولى التعبير بالإشهاد، لأن إنكار الشهادة لا يشمل ما إذا قال لي شهادة على هذه الحادثة لكن لم أشهدهم، بخلاف إنكار الإشهاد فإنه يشمل هذا ويشمل إنكار الشهادة لأن إنكارها يستلزم إنكاره فإنكار الإشهاد نوعان صريح وضمني، ولذا عبر الزيلعي وصاحب البحر بالإشهاد، وبه اندفع اعتراض الدرر على الزيلعي، وظهر أيضا أن قول الشارح هنا أو لم نشهدهم ليس في محله لأنه ليس من أفراد إنكار الشهادة لأن معناه لنا شهادة ولم نشهدهم فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله ما لنا شهادة‏)‏ يعني ثم غابوا أو مرضوا ثم جاء الفروع فشهدوا لا تقبل‏.‏ ‏(‏قوله وغلطنا‏)‏ هو في معنى إنكار الشهادة تأمل‏.‏

‏(‏قوله قيل له هات إلخ‏)‏ فهذا من قبيل ما مر شهادة قاصرة يتمها غيرهم كذا في الهامش‏.‏ ‏(‏قوله ولو مقرة‏)‏ فلعلها غيرها فلا بد من تعريفها بتلك النسبة منح‏.‏ ‏(‏قوله إلى القاضي‏)‏ فإن كتب أن فلانا وفلانا شهدا عندي بكذا من المال على فلانة بنت فلان الفلانية وأحضر المدعي امرأة عند القاضي المكتوب إليه وأنكرت المرأة أن تكون هي المنسوبة بتلك النسبة فلا بد من شاهدين آخرين يشهدان أنها المنسوبة بتلك النسبة كما في المسألة الأولى كذا في العيني مدني‏.‏ ‏(‏قوله لاحتمال التزوير‏)‏ أي بأن يتواطأ المدعي مع ذلك الرجل‏.‏ ‏(‏قوله البيان‏)‏ يعني إذا ادعى المدعى عليه أن غيره يشاركه في الاسم والنسب كان عليه البيان ح كذا في الهامش‏:‏ أي يقول له القاضي أثبت ذلك، فإن أثبت تندفع عنه الخصومة كما لو علم القاضي بمشارك له في الاسم والنسب، وإن لم يثبت ذلك يكون خصما‏.‏ ‏(‏قوله فيهما‏)‏ أي في الشهادة وكتاب القاضي‏.‏ ‏(‏قوله إلى فخذها‏)‏ بسكون الخاء وكسرها، يريد به القبيلة الخاصة التي ليس دونها أخص منها وهذا على أحد قولين للغويين وهو في الصحاح‏.‏ وفي الجمهرة‏:‏ جعل الفخذ دون القبيلة وفوق البطن، وجعله في ديوان أقل من البطن وكذا صاحب الكشاف‏.‏ قال‏:‏ العرب على ست طبقات، الشعب كمضر وربيعة وحمير، سميت به لأن القبائل تنشعب عنها، والقبيلة ككنانة، والعمارة كقريش، والبطن كقصي، والفخذ كهاشم، والفصيلة كالعباس وكل واحد يجمع ما بعده، فالشعب يجمع القبائل، والعمارة تجمع البطون وهكذا، وعليه فلا يجوز الاكتفاء بالفخذ ما لم ينسبها إلى الفصيلة، والعمارة بكسر العين والشعب بفتح الشين فتح ملخصا‏.‏ ‏(‏قوله كجدها‏)‏ الأنسب أو جدها‏.‏ ‏(‏قوله والمقصود الإعلام‏)‏ قال في الفتح‏:‏ ولا يخفى أنه ليس المقصود من التعريف أن ينسب إلى أن يعرفه القاضي لأنه قد لا يعرفه وإن نسبه إلى مائة جد بل ليثبت الاختصاص ويزول الاشتراك، فإنه قلما يتفق اثنان في اسمهما واسم أبيهما وجدهما أو صناعتهما ولقبهما، فما ذكر عن قاضي خان من أنه لو لم يعرف مع ذكر الجد لا يكتفي بذلك، الأوجه منه ما في الفصولين من أن شرط التعريف ذكر ثلاثة أشياء، غير أنهم اختلفوا في اللقب مع الاسم هل هما واحد أو لا ا هـ‏.‏ والمراد بالثلاثة اسمه واسم أبيه وجده أو صناعته أو فخذه فإنه يكفي عن الجد خلافا لما في البزازية‏.‏ ففي الهداية‏:‏ ثم التعريف وإن كان يتم بذكر الجد عندهما خلافا لأبي يوسف على ظاهر الروايات فذكر الفخذ يقوم مقام الجد لأنه اسم الجد الأعلى أي في ذلك الفخذ الخاص، فنزل منزلة الجد الأدنى وفي إيضاح الإصلاح وفي العجم ذكر الصناعة بمنزلة الفخذ لأنهم ضيعوا أنسابهم، والأولى أن يقول بدل الإعلام رفع الاشتراك، لأن الإعلام بأن يعرف غير مراد كما مر وفي البحر عن البزازية‏:‏ وإن كان معروفا بالاسم المجرد مشهورا كشهرة الإمام أبي حنيفة يكفي عن ذكر الأب والجد، ولو كنى بلا تسمية لم تقبل إلا إذا كان مشهورا كالإمام‏.‏

‏(‏قوله شهد بزور‏)‏ والرجال والنساء فيها سواء بحر عن كافي الحاكم‏.‏ ‏(‏قوله بأن أقر على نفسه‏)‏ قال في البحر‏:‏ وقيد بإقراره لأنه لا يحكم به إلا بإقراره‏.‏ وزاد شيخ الإسلام أن يشهد بموت واحد فيجيء حيا، كذا في فتح القدير وبحث فيه الرملي في حاشية البحر‏.‏ واعترض بالإقرار صدر الشريعة بأنه قد يعلم بدونه، كما إذا شهد بموت زيد أو بأن فلانا قتله ثم ظهر زيد حيا أو برؤية الهلال فمضى ثلاثون يوما ليس في السماء علة ولم ير الهلال‏.‏ وأجاب في العناية بأنه لم يذكره إما لندرته وإما لأنه لا محيص له أن يقول كذبت أو ظننت ذلك فهو بمعنى كذبت لإقراره بالشهادة بغير علم‏.‏ وفي اليعقوبية أيضا يمكن أن يحمل قوله لا يعلم إلا بإقرار على الحصر الإضافي بقرينة قوله لا يعلم بالبينة‏.‏ وأجاب ابن الكمال بأن الشهادة بالموت تجوز بالتسامع وكذا بالنسب، فيجوز أن يقول رأيت قتيلا سمعت الناس يقولون إنه عمرو بن زيد، وأما الشهادة على رؤية الهلال فالأمر فيه أوسع ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله ولا يمكن إثباته‏)‏ أي إثبات تزويره، أما إثبات إقراره فممكن كما لا يخفى تأمل‏.‏ ‏(‏قوله وزاد ضربه‏)‏ قال في البحر‏:‏ ورجح في فتح القدير قولهما وقال‏:‏ إنه الحق‏.‏ ‏(‏قوله أن يسحم‏)‏ السحم بضم السين وسكون الحاء المهملتين السودواني كذا في الهامش‏.‏ ‏(‏قوله إذا رآه سياسة‏)‏ قدم الشارح في آخر باب حد القذف ما يخالف هذا حيث قال‏:‏ واعلم أنهم يذكرون في حكم السياسة أن الإمام يفعلها ولم يقولوا القاضي فظاهره أن القاضي ليس له الحكم بالسياسة ولا العمل بها فليحرر فتال‏.‏ ‏(‏قوله مصرا‏)‏ قال في الفتح‏:‏ واعلم أنه قد قيل إن المسألة على ثلاثة أوجه إن رجع على سبيل الإصرار، مثل أن يقول نعم شهدت في هذه بالزور ولا أرجع عن مثل ذلك فإنه يعزر بالضرب بالاتفاق، وإن رجع على سبيل التوبة لا يعزر اتفاقا، وإن كان لا يعرف حاله فعلى الاختلاف المذكور، وقيل لا خلاف بينهم فجوابه في التائب لأن المقصود من التعزير الانزجار وقد انزجر بداعي الله تعالى‏.‏ وجوابهما فيمن لم يتب ولا يخالف فيه أبو حنيفة‏.‏ ‏(‏قوله أبدا‏)‏ لأن عدالته لا تعتمد منلا علي‏.‏ ‏(‏قوله تقبل‏)‏ أي من غير ضرب مرة كما في الخلاصة قبيل قوله والأقلف‏.‏ وفي الخانية‏:‏ المعروف بالعدالة إذا شهد بزور عن أبي يوسف أنه لا تقبل شهادته أبدا لأنه لا تعرف توبته‏.‏ وروى الفقيه أبو جعفر أنه تقبل وعليه الاعتماد ا هـ‏.‏ وكلام الشارح صريح في أن الرواية الثانية عن أبي يوسف أيضا تأمل‏.‏